هـكذا كَان عشقي لـ رام الله فطرياً ، مُذ وُلدت وحين كَبرت وحين أموت ،!
منتزه رام الله بـ سرواته الثلاث / شارع ركب / مطعم دارنا / هواؤها رصيفها
مصففة الشعر هناك ، رائحة التاريخ فيها واسمها
!
نعم يا سيدي ، قد أدرتُ عَجلة الذّاكرة لـ تنقلني عبرَ السنين القادمة اخضراراً يانعاً لـ حاضري ..

بالأمس ، مررت عَمداً بـ منتزه رام الله وقصدت السروات الثلاث بنظرات فاحصة
لأدرك الجمل التي صُغتها في وصفها ! تَـماماً ، إنهن يتشابهن إلى حد التطابق مع اختلافهن كُلياً ،
يتشابهن في ملاحة ذاكرتهن / ملاحة وملوحة التاريخ
..
مررت بـ رام الله (التحتى) والمقاطعة وشارع ركب وأبو قش وبيرزيت وحلاميش وخضرة التاريخ فيها ،
أمعنت النظر في بيت ريما وسردا ، وسألت (الريماويين) عن دير غسانة
:)
فأخبروني أنها بالقرب دون أن أُعنى بتفاصيل الجغرافيا التي شوهها الاحتلال وإلا [ فما هو الاحتلال ؟ ]
نعم ، لقد أجبرونا قبل أن نصل بيت ريما قاطعين ثلاثة كيلومترات أن نمطها إلى عشرين !
متوجّسين وجوهاً استيطانية جديدة , ونزلوا يشهرون السلاح في وجه سياراتنا خطأ ،
ظانّين أننا نحمل في سياراتنا {أنيس} الذي نسي رخصة القيادة أو {رفيق} الذي أدخلك متسللاً في عربة الاسعاف ،
متشرّبين كُل معاني الحقد الـ[ نازية ] التي أصبحوا يمارسونها باسم آخر ،
لكنّ أبي كان
[ السائق محمود ] الذي لا يُخطئ مَقصده ..
لقد لعنتهم في جوفي ألف مرة ومرة وتذكرت أنّي لا أريد أن أتعب دفعات أريد أن أموت مرة واحدة !
لا أريد أن أُذلّ مَرّات أريد أن أموت بـ كرامتي دفعة واحدة
..
لَم نأكل المسخّن هذه المرّة ، بل أكلنا الدجاج المطمور في ترب فلسطين {الزرب} ،
دجاجاً بطعم فلسطينيتنا ،
لن نُخطِئ الظّن بأننا وقعنا في حجر أسرة فلسطينية من الكَرم الذي نالنا والصّدر الرّحب الذي أبدوه لـنا ،
وبشاشة القلوب قبل الوجوه كأن الحياة كُلّما زادتنا ألماً قسناه بعمق واختزلناه حُباً
..

في كُلّ شجرة زيتون كانت تجري إلى مركز البصر في دماغي
كانت تتسابق معها في ماراثون الذاكرة جملة من الكتاب ودفقة حُبّ إضافية لـ أرض فلسطين ،
لقد ذكرت اسمك مرات لا تُعد وأكثرهن دون أن أنطق به
حتى ظننت أني أصبت بـ نزق تلعثم في عروقي وهذيان جنونيّ بـ جمالية الكتاب
ولو كان اختياري أن أُجنّ لـ جننت بـ جنّة الفردوس الأرضية [ فلسطين
] ..

أحببته حد اللانسيان بل اللاتذكّر .!
فالتّذكر دوماً يكون لـ شيء قد ننساه أمّا ماهو عالقٌ في الذّاكرة والقلب لا يُمكن أن يُمحى
..
أحسست بالحروف تلك تمشي معي في السوق وتجلس بجانبي في السيارة
وتلوك معي العلكة على مهل مستميتة في حبّ تلك التربة سرمدية العبق حبّاً جنونياً وتشرب معي من مائها ،
تفلح الأرض وتجني ثمار الزيتون حين القطاف ،
تلبس الثوب الفلسطيني أو القمباز أياً كان جنسها ، وتُلحّ على المستوطنين تنغيص عيشتهم
..

هكذا أحببت [ وُلدتُ هناك ، وُلدتُ هنا ] ،
حب الحفيد لـ جده الذي يروي له حكايات رُبّما لم يَرها بـ عين البصر
لكنّه يراها كل يوم/ كل لحظة يتنفّس فيها فلسطينيته بـ عين القلب
..




نـور عليـان
مِن الأرشيف ؛
بعـد قِراءة كتاب [ وُلـدتُ هُـنَاك ، وُلـدتُ هُنـا ] 
وزيـارة لـ قرية من قرى رام الله وممارسة بعض الطّقوس الفلسطينية :)